اتجاهات الهجرة

اتجاهات الهجرة

تشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من 3,8 ملايين عربي يعيشون حالياً في مختلف دول أوروبا. والمنطقة الرئيسية التي تفد منها هذه الجاليات إلى أوروبا هي المغرب العربي (المغرب، الجزائر، تونس) والتي تمثل مركزاً هاماً، نظراً للأعداد الكبيرة من الشباب الذي يهاجرون منها، وخاصة الجزائر التي كانت طبيعة الأوضاع السياسية الاستعمارية فيها عاملاً رئيسياً في تشجيع سكانها على الهجرة . ويبلغ عدد أفراد هذه الجالية المغربية نحو 2 مليون نسمة. وتتكون أغلبية الجالية من عمال يدويين نزحوا من أوطانهم تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية المزرية التي خلقها الاستعمار الفرنسي، بحثاً عن العمل في المعامل والمصانع الأوروبية. وسنتناول لاحقاً الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعانونها والتي تترتب عليها مشاكل اجتماعية وثقافية ونفسية لا تعوضها، بأي شكل من الأشكال، الأرباح والأجور الضئيلة التي يتقاضونها في الدول الأوروبية.أما في الدول العربية الأخرى (المشرق العربي) فتتجه الجالية المهاجرة منها إلى الأميركيتين الشمالية والجنوبية. ويبلغ عدد أفراد هذه الجالية في أوروبا نحو 1,8 مليون نسمة يفدون إليها من لبنان وسوريا وفلسطين والعراق ومصر. وتستقر أغلبيتها في فرنسا وبريطانيـا وألمانيا. ومن الجدير بالملاحظة أن طبيعة هذه الجالية تختلف في أهدافها عن الجالية المغربية، إذ تتكون أغلبيتها من كوادر جاهزة أو في طور الأعداد (أطباء، محامين، صيادلة وعمال فنيين) نزحوا تطلعاً إلى تحقيق مكاسب مادية مرتفعة بالمقارنة مع ما يتوقعون الحصول عليه في بلدانهم. وسنرى حقيقة التطلع الذي يتوقون إليه والذي يشكل كسباً ضخماً للدول الأوروبية الصناعية، وخسارة جسمية للدول العربية التي هي في أمس الحاجة لخبراتهم الفنية.الملاحظة الأولى التي يمكن استخلاصها من اتجاه الهجرة العربية من مواطنها الأصلية ومراكز استيطانها هي كون هذه الجالية، سواء المغربية منها أو المشرقية، مرتبطة بالدول الاستعمارية التي خضعت لها بلدان هذه الجالية. ونظراً لأن بريطانيا وفرنسا لعبتا دوراً كبيراً في السيطرة الاستعمارية على العالم العربي، لذلك نجدهما يحتلان مرتبة رئيسية في توفر جالية عربية كبيرة في أراضيهما. وهذا ما يبرز لنا أحد الأسباب الجوهرية للهجرة من دول العالم الثالث (وخاصة العالم العربي) إلى الدول الصناعية الأوروبية.