mercredi 16 janvier 2008

هجرة المغربيات

هجرة المغربيات
ما الذي يمكن أن يجعل امرأة تترك وطنها، وذكريات طفولتها، وأحلامها، لكي تهاجر إلى بلد لم تكن تعرف حتى أين يوجد في الخريطة العالمية؟" تتساءل المغربية "فاطمة بونكري" في العقد الثالث، وتضيف: "قبح الله الفقر والحاجة، هي التي أرغمتني على هذه المذلة التي عشتها طيلة 5 سنوات في أسبانيا قبل حصولي على الإقامة القانونية، فأبي تُوفِّي وأنا صغيرة، ولم يترك لنا ما يسدّ عنا همز وغمز المجتمع، كانت أمي تعمل خادمة بالبيوت، وتصور ماذا يمكن أن تفعل تلك الدريهمات لندرس ونأكل ونسكن؟!".
القرار الصعب
أما "أمينة" فقد سافر زوجها منذ 1991 إلى أسبانيا؛ لتوفير حياة معيشية أفضل، وبعد أن استقرت ظروفه المادية والقانوينة، تقول أمينة: "كان لا بد من لمِّ شمل العائلة؛ إما أن يرجع للوطن، وأعتقد أن هذا كان خيارًا صعبًا بعد كل ما عاناه زوجي هنا، أو أن أسافر لنبدأ حياة جديدة هناك، وأيضًا كان هذا خيارًا قاسيًا؛ لما يحمله من تحديات جديدة سنعيشها كأسرة مسلمة في مجتمع غربي".
وتضيف "أمينة"، وهي الآن أم لبنتين، يحملان الجنسيتين الأسبانية والمغربية: "كان القرار في 2001 أن ألتحق بزوجي وسافرت إلى هناك، لأجد نفسي في بيئة مختلفة تمامًا، فأنا سيدة محجبة وبالكاد أستطيع النطق ببعض الكلمات الأسبانية، وبدأت قصة المعاناة في الضفة الأخرى".
أما "سميرة" التي لم توفق في إنهاء تعليمها الجامعي بالمغرب، فقد شاءت الأقدار أن تعقد رباطها مع شاب مغربي يعمل بكندا، وكان اللقاء بينهما يتجدد مرة كل سنة، وبين سندان الفراق ومطرقة الوضعية المعيشية غير المستقرة بكندا، كانت تمضي سنوات الزواج الأولى لسميرة وزوجها، حملت خلالها، ولم يسمح لها بالسفر لزوجها إلا بعد أن وضعت مولودها بالمغرب حتى لا يحمل الجنسية الكندية ويستفيد من الحقوق التي يتمتع بها من فتح عينيه بتلك الديار.
مسئوليات عائلية
يعدد الدكتور "محمد الشيكار" -أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة محمد الأول بوجدة- أسباب هجرة المرأة المغربية التي تقع على رأس قائمة الدول العربية التي تصدر مهاجرات، من خلال عينة من النساء المهاجرات، فيقول: "هناك العديد منهن قررن مغادرة الوطن هروبًا من المشاكل المرتبطة بالشرف، ومن مشاكل الزواج التي يتم خارج رغبة الفتاة تحت ضغط العائلة، إلى جانب هذه الفئة هناك من هاجرن لأسباب اقتصادية محضة، منهن من يتوفرن على شهادة الإجازة ولم تتمكن من إيجاد شغل يكفيها وإخوانها بعد وفاة والدها، وقد كانت علاقتها بشاب أسباني سببًا في تسهيل طريق الهجرة، إلا أن اختلاف الثقافة بينها وبين الأسباني لم يساعد على نجاح هذه العلاقة، مما اضطرها إلى فراقه".
ويضيف: "ومن بين هؤلاء النسوة نجد امرأة تتقن الخياطة فضلت الهجرة على البقاء في أحضان الوطن؛ نظرًا لما كانت تعانيه من مشاكل مع زوج مشغلتها، وهي الآن تشتغل كمنظفة بأحد الفنادق وفي وضعية قانونية تعمل جاهدة من أجل إحضار ابنتيها وأمها إلى أسبانيا".
"الرأس العالي"
إذا كانت تلك أسباب هجرة بعض المغربيات فإن عددًا لا بأس به من المهاجرات كان همّ الحصول على "دبلوم الدراسات العليا" و"التخصصات الفريدة" هي دافعهم لركوب مخاطر الهجرة، ومنهن من تمكن من الوصول إلى درجات عالية من المعرفة والكفاءة المهنية في تخصصات مختلفة كالطب والهندسة والسينما.. هؤلاء النساء منهن من ترجع إلى وطنها، ومنهن من تستقر هناك، ويُنْشئن جمعيات اجتماعية وثقافية تهتم بالجاليات الوافدة على ذلك البلد، وهو ما صرحت به إحدى المغربيات المقيمات بإيطاليا بقولها في إحدى "منشورات الزمن" عدد 42: "إنني أشعر بالحرية منذ دخولي للعمل الجمعوي أمشي ورأسي عاليًا".
كانت الهجرة إلى أوروبا حتى نهاية التسعينيات لا تحمل أية تعقيدات مقلقة للمجتمعات الأوروبية والمهاجرين على حد سواء، بل كانت تشكل -أي الهجرة- رافدًا مهمًّا لليد العاملة لهذه الدول وتعويضا للنقص الحاصل لديها في مقابل تراجع نسبة السكان النشيطين، ولكن مع أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا وتفجيرات مدريد ولندن بعدها، تفجرت بشكل حاد ظاهرة المهاجرين، وبدأت تثار هنا وهناك أحاديث حول الأبعاد الأمنية والثقافية للمهاجرين، خاصة من أصول عربية وإسلامية الذين تشير إحصائيات 2001 أن عددهم بلغ حوالي 8.17 ملايين نسمة في دول الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين، تشكل النساء نسبة كبيرة منهم.
ومن خلال متابعة ظروف عدد من النساء المهاجرات يعتبر الدكتور "محمد الشيكار" أن وصول المرأة المغربية إلى بلاد المهجر: "لا يتحقق إلا بمعاناة كبيرة، خصوصًا التي تهاجر خارج إطار التجمع العائلي أو بطرق غير قانونية". ويضيف: "لقد أدَّين الثمن غاليًا، ما جعلهن يتعرضن إلى الابتزاز والإهانة من طرف عصابات تهريب البشر. فحسب أحد أعضاء هذه العصابات تأتي النساء متسولات باكيات تردن الهجرة، مستعدات لتقديم أي شيء والخروج بأي ثمن، هذا التصريح يعطي صورة واضحة عن الحالة النفسية المتدهورة التي توجد عليها المرأة التي ترغب في الهجرة، فهي مستعدة لإعطاء أي شيء، وهو ما يسمح لهذه العصابات باستغلالهن أشد استغلال".
انتهاكات بالجملة
يرى من جهته الدكتور "محمد زروالي" -أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمدينة وجدة- في معرض ورقة عمل حول "الإطار القانوني الدولي والعربي لحماية العاملات المهاجرات" التي قدمها أثناء المؤتمر العربي للمرأة العربية المهاجرة الذي انعقد بمدينة الدار البيضاء في ديسمبر 2006 -أن "المهاجرين الذين يعملون في أوضاع شاذة من أكثر الفئات تعرضًا للانتهاكات، حيث تتميز أوضاع هذه الفئة من العمال المهاجرين بالهشاشة نتيجة لعدة اعتبارات تتوزع مسئوليتها بين الدول المصدرة لهذه العمالة، وشركات التوظيف، والدول المستقبلة لها. فلا توفر الدول المصدرة الحد الأدنى للحماية القانونية لمواطنيها في شروط التعاقد والرقابة على شركات التوظيف، وتوعية العاملين بحقوقهم، وتتفاقم الشكوى من استغلال شركات التوظيف لهذه العمالة، ولا تكفل القوانين المطبقة في معظم البلدان المستقبلة ضمانات الحماية القانونية لحقوق هذه الفئة من العمال المهاجرين".
إيجابيات وسلبيات
لا يمكن الجزم أن هجرة النساء المغربيات كانت كلها نقمة عليهن، كما لا يمكن القول إنها كانت نعيمًا مطلقًا، فمنهن من تعيش شعور الغربة والعزلة مع صعوبة الاندماج في المجتمع الغربي المخالف لما ألفته، وما لذلك من تأثير على نفسيتها وحياتها الزوجية والأسرية، ومنهن من وقعت تحت سيف "العنصرية" أو "الاستغلال الجنسي" وأباطرة التجارة بالبشر، في النوادي الليلية.. وغيرها كثير من المآسي والسلبيات التي ما زالت تقف أمام المرأة المغربية في بلدها الثاني أو "بلاد الغربة" كما يحب المغاربة أن يسميه.
ورغم هذه الجوانب المظلمة في مسيرة المهاجرات فإن هناك أخريات كن محظوظات في هجرتهن؛ لوجود الزوج أو الأب أو أحد أفراد العائلة، أو المؤهل التعليمي واللغوي والمهني

Aucun commentaire:

جمعيات عالمية

عقد شراكة بين جمعيات أجنبية ووطنية

Google

جمعيات لمساعدةَ عامة الناس

جمعيات