mercredi 16 janvier 2008

العرب .. لا يأتون إلى سويسرا

العرب .. لا يأتون إلى سويسرا

لا يتخذ القطري من سويسرا مقاما إلا لماماً على خلاف المغربي الذي جعل منها مقصداً ومستقرا.. ومع ذلك، فإن العرب إجمالاً يمثلون شريحة ضئيلة من المهاجرين إلى الكنفدرالية.
هذه بعض الملامح التي أظهرتها دراسة رسمية عن الهجرة إلى سويسرا على مدى 20 عاماً كاملة. سويس إنفو اطلعت على نص التقرير وخرجت بنتائج مثيرة للإهتمام.

لو حظرت الكونفدرالية الهجرة إليها أو امتنعت عن تجنيس الأجانب المقيمين فوق أراضيها، فإن سكانها المتحدرين من أصول سويسرية سينقرضون لا محالة.

هذا على الأقل ما يؤكده المكتب الفدرالي للهجرة والإدماج والنزوح، الذي ينبه على موقعه على شبكة الإنترنت إلى أن سويسرا سجلت منذ عام 1998 نسبة وفيات أكثر من نسبة المواليد، ويلفت بأنه لولا عملية التجنيس للأجانب لتناقص عدد السكان فعلياً منذ عام 1993.

ويتخذ الدور الذي يلعبه المهاجرون في المجتمع السويسري بعداً اقتصاديا بالغ الأهمية، خاصة وان ربع حجم العمل المنجز في الكونفدرالية يقع على عاتقهم وحدهم. فهم شريان حيوي لا يستغنى عنه لبقاء الدولة وازدهارها.

ولعل هذه الأهمية التي أكدها المكتب مراراً وتكرارا هي التي دفعته إلى إصدار تقريره الجديد بعنوان: "إحصائيات الأجانب لعام 2002: النتائج المستوحاة وحركة السكان".

تتبع التقرير، الذي استقى معلوماته من البيانات الموثقة لدى مركز تسجيل الأجانب، مسار الهجرة إلى سويسرا في الفترة بين 1983 و 2002. وصنف الأجانب المقيمين فيها، والبالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، حسب جنسياتهم وجنسهم وأعمارهم ومكان إقامتهم.

الصورة النمطية للمهاجر!

استطاع التقرير وفقا للبيانات التي جمعها، من تحديد صورة نمطية للأجنبي الذي يختار الهجرة إلى سويسرا، بناءاً على جنسيته والعقد الزمني الذي وفد فيه إلى البلاد.

فالمهاجر المقيم في الكنفدرالية هو أوروبي بصفة عامة، يسعى إما إلى الحصول على موقع عمل، أو الانخراط في برنامج تعليمي أو تأهيلي، أو اللحاق بأحد أفراد أسرته ممن هاجر إلى سويسرا في فترة زمنية سابقة.

وقد حدد التقرير ثلاث صور نمطية للمهاجر في الستينات والثمانينات والعامين الأولين من الألفية الثالثة. ففي الستينات كان النموذج السائد هو الإيطالي غير المتزوج، الذي يتراوح عمره بين 21 و29، ويعمل في قطاعي البناء أو الصناعة.

لم تتغير تلك الصورة كثيرا في عقد الثمانينات وإن اختلفت الحيثيات. فقد ظل الإيطالي مهيمناً، لكن عمره أصبح يتراوح بين 15 و 29، ووجوده مرتبط بالتحاقه بأحد أفراد أسرته المقيم في الكنفدرالية، وهو يعمل في قطاعي الصناعة أو الفندقة بالأساس.

لكن العامين الأولين من الألفية الثالثة شهدا تبدلاً جذرياً في صورة ونوعية المهاجر النمطية. فقد أصبح ألمانياً، يتراوح عمره بين 25 و 39، متحصل على كفاءات وخبرات علمية عالية، ويسعى إما للعمل في قطاعات التجارة والبنوك والمعلومات والصحة والاستشارات، أو إلى إكمال دراسته في مؤسسات سويسرا التعليمية.

وكما هو واضح من السرد السابق، فإن هناك علاقة ارتباط قوية بين حركة الهجرة إلى سويسرا ودرجة النمو الاقتصادي للبلاد.

وقد أظهر التقرير تلك الصلة بشكل جلي، إذ يقول إنه كلما ارتفعت نسبة إجمالي الناتج المحلي ترادف ذلك مع ارتفاع مواز في نسبة الهجرة إلى البلاد، والعكس صحيح أيضاً.

حركة اللاجئين … واللاجئ العربي!

ينتمي معظم اللاجئين الذين يفدون على سويسرا إلى بلدان القارة الأوروبية. ومما لا شك فيه أن الأحداث والأزمات المحلية والدولية التي شهدتها المعمورة تركت بصماتها على نوعية اللاجئين القادمين إليها أو المغادرين لها.

فعلى سبيل المثال كان للحرب الأهلية في جمهوريات يوغوسلافيا السابفة (وخاصة في البوسنة والهرسك) أثرها على ارتفاع أعداد الفارين من هذا الإقليم، لتتراوح ما بين 5000 و6000 لاجئ سنويا في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي.

في المقابل، انعكس التحول الديمقراطي الذي شهدته دول أمريكا اللاتينية في ثمانينات القرن العشرين هجرة معاكسة لمواطني تلك الدول من سويسرا وتناقص أعدادهم بصورة متزايدة.

ويمكن تلمس نفس النسق عند الحديث عن اللاجئين العرب رغم صعوبة التعميم. فالملاحظ أن هناك دولاً بعينها يفد منها اللاجئ السياسي العربي الذي حصل على حق اللجوء رسميا في سويسرا، وهي الجزائر و ليبيا والسودان وتونس والعراق وسوريا.

ومن الملفت أن أرقام اللاجئين العرب من كل دولة، رغم قلة عددهم مقارنة بحجم اللاجئين المقيمين في سويسرا عموماً، شهدت طفرة كبيرة في بداية الألفية الثالثة على عكس ما كان عليه الحال في الثمانينات من القرن الماضي.

وعند ترتيب تلك الدول حسب أعداد اللاجئين الوافدين منها يتصدر العراق القائمة، حيث ارتفع عدد الفارين منه من 32 شخصاً في عام 1983 إلى 2160 شخصا في عام 2002.

وتقف تونس بعده على رأس القائمة، ففي حين لم يتجاوز عدد اللاجئين القادمين منها في عام 1983، 9 أشخاص، ارتفع العدد بعد ذلك ليصل إلى 581 شخصاً في عام 2003!

وتتوالى التقديرات على المنوال ذاته، ففي عام 1983 سجلت ليبيا 10 حالات، والسودان والجزائر 12 حالة لكل منهما، وسوريا 26 حالة، ثم تصاعدت تلك الأعداد في عام 2003 لتصبح 377، و118، 117، و103 وفقاً للترتيب السابق.

المهاجر العربي وسويسرا!

وفي كل الأحوال، تظل أعداد اللاجئين العرب الوافدين على سويسرا محدودة. وهي سمة لا تقتصر على اللاجئ السياسي العربي بل تتعداه إلى المهاجر العربي العاديً.

فالعربي بصفة إجمالية لا يتخذ من سويسرا مقراً لإقامته أو مقصداً لهجرته، إذ تبقى نسبُ تواجده ضئيلة خاصة إذا ما قارناها بنسب غيره من الوافدين الأجانب.

وتتبدى في هذا الإطار الفروقات الإقليمية واضحة. فمواطنو شبه الجزيرة العربية تحديداً هم الأقل حضوراً في خارطة المهاجرين العرب المقيمين في سويسرا، والتي لا تشمل أعضاء السلك الدبلوماسي أو العاملين في المنظمات الدولية أو القادمين على البلاد لأغراض السياحة.

وتنفرد قطر بين تلك الدول في ندرة المهاجرين منها أو الراغبين في الإقامة في سويسرا، حيث بلغ عدد القطريين في عام 2002 على سبيل المثال 4 أشخاص.

تلي قطر في الترتيب سلطنة ُعمان (6 أشخاص)، ثم البحرين (15 شخصاً)، ثم الإمارات العربية المتحدة (14 شخصاً)، ثم الكويت (38 شخصاً)، ثم اليمن (50 شخصاً)، وأخيراً السعودية (256 شخصاً).

في المقابل، تتصدر دول المغرب العربي إضافة إلى بلدان مشرقية قائمةَ الهجرة العربية إلى الكنفدرالية، والتي بلغت في عام 2002 وحسب الترتيب التنازلي 5904 من المغرب، و 4619 من تونس، و 2946 من الجزائر، و 2644 من العراق، و 1990 من لبنان، و 1336 من مصر.

وقد تبدو تلك الأرقام مرتفعة، لكنها سرعان ما تتضاءل وتأخذ حجمها الصحيح عند مقارنتها بأعداد الوافدين من دول أوروبية أخرى. إذ يفوق حجم الوافدين من دولة واحدة فقط كألمانيا، الذي بلغ 125033 في نفس العام، القادمين إلى سويسرا من كل الدول العربية مجتمعة.

والخلاصة؟

فهل يعني ذلك أن المهاجر العربي لا يجد ما يغريه في سويسرا؟ سيكون من باب المبالغة الخروج بمثل هذه الخلاصة.

فالشيء المؤكد هو أن المهاجر عادة ما يتجه إلى البلاد التي يجد فيها قواسم مشتركة تُغريه، ويستطيع لذلك أن يكّون فيها حياة جديدة. وسويسرا بتنوعها اللغوي وسوق شغلها المعتمد على الكفاءات المتخصصة قد تمثل تحدياً للقادم إليها.

وإذا كان الخليجي قد لا يجد ما يدفعه إلى مغادرة بلاده، فإنه ليس من قبيل الصدف أن أغلبية القادمين إلى الكنفدرالية يأتون إليها من دول معروفة بإتقان أبناءها للغات الأجنبية وارتفاع مستوى تعليمهم.

وعلى كل، فأن الإحصاءات بأرقامها وبياناتها تظل حمّالة أوجه كما يقول المثل العربي، يستطيع المرء استخلاص ما يراه من نتائج فيها ليدعم بها وجهة نظره. لكن هذه الصفة لن تغير من حقيقةٍ مؤكدة، وهي أن أعداد المهاجرين العرب إلى سويسرا تظل محدودة جدا

Aucun commentaire:

جمعيات عالمية

عقد شراكة بين جمعيات أجنبية ووطنية

Google

جمعيات لمساعدةَ عامة الناس

جمعيات